عقد مركز ماري للأبحاث والدراسات، الخميس، ندوته الحوارية الثانية حول الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا، بحضور عددٍ من الأساتذة الجامعيين والأكاديميين وخبراء في الاقتصاد الدولي.
وسلّط المشاركون الضوء على محورين رئيسين: المحور الأول حمل عنوان “الآثار الاقتصادية على دول الشرق الأوسط”، وتناوب على عرضه كلّ من الأستاذة في العلوم الاقتصادية والاجتماعية بجامعة لندن، اعتماد مهنّا، والدكتور في جامعة بورتسموث البريطانية، جاسم العكلة.
أما عنوان المحور الثاني فكان “آثار الجائحة على الواقع الاقتصادي والمعيشي في الشمال السوري” وتحدّث عنه وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، الدكتور عبد الحكيم المصري.
أشارت الدكتورة اعتماد مهنا، في بداية مداخلتها، إلى أن “تأخّر منظمة الصحة العالمية في الإعلان المباشر عن فايروس كورونا ساهم بشكل كبير في زيادة انتشار العدوى في دول القارة الأوروبية” مرجحة بأن دافع المنظمة كان سياسياً.
وأضافت مهنا بأن “اعتقاد الأوروبيين بابتعاد تأثير الفايروس عنهم، وتأخرهم في تنفيذ سياسات الحجر والإغلاق ومنع التجوّل، أدّى إلى ما حصل في إيطاليا وإسبانيا ثم بقية الدول”.
وحول الأوضاع في الشرق الأوسط، استعرضت مهنا أهم المشاكل التي تعيق مواجهة الوباء في بلدان الشرق الأوسط، كالنزاعات المنتشرة في البلدان العربية ومطالبات الأمم المتحدة بوقف القتال بين الأطراف المتحاربة، ومخاطر الازدياد الكبير في أعداد اللاجئين والنازحين ومخيماتهم، لا سيما السوريين، والاكتظاظ الناتج عنه سواء في تركيا أو لبنان أو الشمال السوري. إضافة إلى عدم قدرة المساعدات الصحية والإغاثية الضرورية لمواجهة الجائحة.
ونوّه الدكتور جاسم العكلة في مداخلته إلى أن أزمة كورونا “ليست أزمة صحية فقط وإنما إنسانية واجتماعية واقتصادية، وآثارها واضحة على جميع فئات المجتمع”.
وعبّر العكلة عن رأيه المغاير لآراء خبراء الاقتصاد الذين يتحدثون عن حصول كساد عالمي كبير شبيه بالكساد المرتبط بأزمات القرن العشرين (أزمة -1929، وأزمة 2007…). إذ يرى بأن أزمة كورونا “هي الأطول والأعمق والأكثر تأثيراً على اقتصاد العالم وبالتحديد على الشرق الأوسط”.
العكلة لم يكتف بعرض تبعات وانعكاسات الجائحة السلبية على المجتمعات، بل خصص الجزء الأكبر من مداخلته لطرح حلول من شأنها التخفيف من عواقب الأزمة على دول الشرق الأوسط، كضبط السياسة النقدية وإجراء الإصلاحات الاقتصادية.
أما الدكتور عبد الحكيم المصري، فتحدث عن جهود المنظمات الإنسانية التي لا تتناسب مع حاجة العدد الكبير من قاطني المناطق المحررة، ممن تضررت أعمالهم، ودعا تلك المنظمات إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه السكان، وعدم العمل بشكل منفرد، والتنسيق فيما بينها لتقديم الأفضل.
وشدد المصري على “وجوب وضع قاعدة بيانات يتم من خلالها تحديد احتياجات الناس ووضع كافة الخطط لمواجهة أي أزمات مستقبلية”.
وعن مواجهة الجائحة، أشار الوزير المصري في نهاية حديثه إلى “ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة في مراقبة حركة المعابر بالنسبة للقادمين من تركيا وإخضاعهم للفحص الدقيق بالإضافة إلى تعقيم المركبات وجميع المواد الداخلة إلى الشمال السوري”.