في إطار فعاليات مركز ماري للأبحاث والدراسات عقدت الساعة السادسة مساءً يوم الأحد الواقع في 2020-08-16 الندوة الحوارية التي تحمل عنوان:" الحراك العشائري شرق الفرات: الأسباب السياسية والمآلات المستقبلية"، وذلك عبر منصة زوم، وبمشاركة كلٌ من السادة :
– الدكتور سمير العبدالله: خبير الدراسات السورية بمركز دراسات الشرق الأوسط "أورسام"
– الدكتور محمود الخضر: مدرس مادة القانون في جامعة غازي عينتاب .
– الدكتور كمال أسعد عبدو: مدرس في قسم التاريخ بجامعة إدلب .
بدأ الحديث الدكتور سميرالعبد الله بتبيان واقع المكون العشائري في سورية مؤكداً على الدور الكبير للعشائر السورية عبر تاريخها مروراً بالاحتلال الفرنسي والبريطاني والتضحيات التي قدموها ونتيجة لها تعرض الكثير منهم للنفي وغيره إلى يومنا هذا.موضحاً أنه وبوصول حزب البعث إلى السلطة حاول تغيير طبيعة الواقع العشائري، وذلك من خلال استحداث كثير من شيوخ العشائر الموالين له بشكل مطلق .
وكان للثورة السورية دور كبير في ظهور تغيرات كثيرة على واقع العشائر العربية حيث لم تعد العشائر موحدة في موقفها وانقسمت وأفرادها بين مؤيد ومعارض للنظام أو داعش، كما قامت قسد بضم بعض شيوخ العشائر إليها. وذلك لأن القوى الدولية جميعها تعمل على كسب ولاء العشائر في سورية فكل من أمريكيا وروسيا وإيران وكذلك النظام وقسد تريد كسب ولاء العشائر ونتيجة لذلك في الفترة الأخيرة زاد التواصل بين شيوخ العشائر وقسد بهدف تجنيد أبناء العشائر، مما أدى إلى هذا الحراك علماً أنَّ سبب انضمام الكثيرين إلى قسد هو الفقر والحاجة المادية.
وحول الواقع العشائري في شرق الفرات قال الدكتور محمود أنَّ التواجد العشائري يمتد تاريخياً وجغرافياً على كافة بقاع سورية، وأنَّ جميع انتماءات الأرياف والعائلات تتبع لانتماءات عشائرية وأنَّه قبل الإستقلال لم يكن دور العشائر بهذه القوة بل كان محاطاً بتهميشات متتالية وعلى الرغم من أنَّ الكتلة الوطنية كانت تحوي على عناصر عشائرية هامة إلا أنَّ معاملة العشائر كانت ولا تزال تقوم على نظرة دونية وأيضاً بعد وصول حزب البعث زادت النظرة السلبية والتهميش للعشائر في سورية. كما أن البعث حارب كل تكتل ممكن أن يقف في وجهه ومن ضمنها العشائر وعمل على ترسيخ النظرة السلبية وعلى الرغم من ذلك فإنَّ الوجود العشائري أساسي ومتجذر ولا يمكن تفكيكه باي شكل من الأشكال.
كما أوضح الدكتور سمير أنَّه عند ضعف السلطة سيتعزز دور العشائر كونها الحاضن الوحيد لأبنائها في غياب الدولة، ولذلك يجب توظيف دور العشائر بشكل صحيح وتصحيح الصورة السلبية المنتشرة في الإعلام وغيره ويجب التعامل مع هذا الواقع وتسليط الضوء على أهمية العشائر في سورية. وبيَّن الدكتورسمير أنَّ المعارضة حتى في نشاطاتها كانت تهمش دورالعشائر السورية مما سبب أزمة حقيقية. وبالحديث عن موضوع الجزيرة والفرات واستقلالها أوضح الدكتور أنَّه نتيجة لطول فترة التهميش التي تعرَّضت له العشائر السورية على المدى الزمني لا بد من وجود ردة الفعل هذه لدى أبناء العشائر.
ورد الدكتور كمال على السؤال عن سبب انقسام العشائر في سورية والتجربة التاريخية للعشائر في سورية، بأن الواقع العشائري ناتج عن السلطة السياسية والتي كانت منذ الوجود العثماني تركز اهتمامها على مراكز المدن مما أدى إلى إفقاد الوجود العشائري زخمه، معرجاً على محاولة طمس الهوية العشائرية في سورية تكلم الدكتور عن الفرنسيين الذين حاولوا إيجاد كيان كردي في شرق الفرات في تلك الفترة، ولكنهم فشلوا بسبب قلة عدد الأقليات في تلك المنطقة وبعد الحراك الكردي في تركيا ساهمت فرنسا مرة أخرى في توطينهم في شرق الفرات لتحقيق الهدف ذاته.
وأردف الدكتور سمير قائلاً: بالنظر الى سياسة تهميش الريف نجد أنَّه حتى في ظل الاحتلال الفرنسي تم تحييد الريف، وبالنسبة للانقسام الهوياتي فقد نجم عنه انقسام في المدينة والريف وإهمال للمنطقة الشرقية وإهمال للمكون العشائري على العكس من واقع العشائر في باقي الدول العربية المجاورة. وبالحديث عن بنية العشيرة قال الدكتور سمير أنَّ العشيرة هي بنية اجتماعية وقد استطاع البعث جمع رؤساء بعض العشائر من خلال اعطائهم امتيازات خاصة.
وفي الحديث عن واقع العشائر في الثورة السورية بيّن الدكتور سمير أنه منذ بداية الثَّورة معظم العشائر ساندت الثورة ولكن نتيجة سيطرة قسد على المناطق الشرقية لم يكن أمامهم خيار إلا الانضمام إلى قسد أو العودة الى النظام وحين تُركت المنطقة لداعش وتم تسليح الاكراد وتكرَّست سياسة البعث في تمزيق بنية العشائر والتجمعات الاجتماعية كل ذلك يبين أنَّ الانقسام الحاصل ما بين العشائر طبيعي في ظل غياب مشروع جوهري جامع لأبناء العشائر.
بالإضافة إلى أنَّ الصراع على السلطة خلق صراع اجتماعي أدى إلى صراع طائفي ومنه صراعات مناطقية وأيضا أصبح هناك ضمن العشائر انقسامات كبيرة. وحول سبب ضعف المكون العشائري في سورية قال الدكتور سمير أنَّ السبب الأساسي هو محاربة الأنظمة السياسية لها وإذا قارنا بين الأردن وسورية نلاحظ الفرق وذلك لأنَّ العشائر في الأردن لها مكانة خاصة ودور فعَّال . وبالنسبة للمجالس الممثلة للعشائر أوضح الدكتور سمير وجود ثلاثة مجالس مختلفة ممثلة للقبائل أحدها مؤيد للنظام والآخر في صفوف المعارضة وثالث مؤيد لقسد.
وحول ماهية الحراك العشائري الموجود في شرق الفرات قال الدكتور سمير أنَّ أهم أسبابها هي الإجتماعات التي حصلت بين قسد والعرب والتي أحست من خلالها العشائر أنَّ الولايات المتحدة هدفها إنشاء كيان كردي طويل الأمد لذلك تسعى لتخفيف التوتر بين الأكراد والعرب. لذلك أرادت إنشاء قوة عشائرية تتلقى أوامرها من أمريكا مباشرة مما أدى الى تخوف الأكراد والسبب الثاني توزع الولاءات في العشائر مما أدى إلى هذا الصدام والاحتجاجات وبالنظر إلى الشعارات المرفوعة فإنها تؤكد أنَّ العشائر معارضة للنظام السوري وأنَّ اتفاق النفط بين تنظيم بي ي دي هذا جعل العرب يشعرون بتخوف من اعطاء شرعية للأكراد وهناك تهميش للعرب في منطقة قسد بالإضافة للاغتيالات لأبناء العشائر هناك رغبة للايقاع بين أبناء العشائر من كل من داعش وقسد والنظام وإيران وتحويل هذا الحراك الى صراع عشائري
وحول اسباب الحراك الحالي قال الدكتور محمود الخضر إنَّ هذا الحراك ليس حراك مطلبي بحت بل له بعد سياسي نتيجة سلطة الأمر الواقع والاحتلال للمنطقة العربية الشرقية من قبل حزب الب ك ك والذي قام بهدم وتهجير وتسليط قادة ميدانيين على رقاب الناس ضد ابناء المنطفة والسيطرة على كافة الامور. وإنَّ هذا الحراك مؤقت لأنَّه لا يمكن التعول على دور العشائر نتيجة الانقسامات في العشيرة الواحدة إضافة إلى الدعم الامريكي والسيطرة على النفط لذلك فإنَّ الظرف غير مناسب وليس في صالح العرب لغياب قوة عشائرية بالمقارنة مع الدعم العسكري الأمريكي للأكراد وعدم وجود جيش منظم بإمكانه هزيمة القوات الكردية المدعومة أمريكياً معولاً على الدور التركي في دعم العشائر السورية الموجودة في شرق الفرات، مبيناً أيضاً أنَّ القبيلة مكون اجتماعي وليس جسماً سياسياً أوعسكرياً حتى يمكن التعويل عليها في الصراعات العسكرية في ظل الإمكانات الموجودة حالياً.
ورداً على السؤال من هي الجهة الإقليمة القادرة على استغلال هذا الحراك قال الدكتور سمير إنَّ المنطقة تحوي أغلب الثروات بالإضافة لأهميتها لدى إيران وروسيا وبالتالي فإنَّ هذا الحراك يمكن أن يستمر لكن ليس طويلاً لأنَّ قسد ستحاول إخماد الحراك وإرضاء العرب وكذلك أمريكا من خلال استغلال علاقتها مع السعودية والإمارات. وفي الوقت الراهن ربما ستزداد الإغتيالات وربما ستسعى الميليشيات لتعزيز لقائها مع القبائل وحيث أنَّه هناك صراع على كسب الولاء العربي ربما يكون هناك شكل جديد للتفاهمات في المنطقة وتركيا يمكن أن تلعب دوراً هاماً وبالنسبة لنفوذ أمريكا فإنَّها لن تسمح لإيران بتمديد نفوذها شمال النهر.
وأكد الدكتور كمال أنَّه سيتم إحتواء هذا الحراك لأنَّ الأمريكان يهمهم الاستتقرار في المنطقة واستمرار تدفق النفط وبالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية للمنطقة فإن المطالب العشائرية سيتم تحقيقها مع العلم أنَّ المكون العربي يتعرض لضغط الأكراد والروس والإيرانيين بالإضافة للتغير الفكري والانتمائي.
ورداً على السؤال عن من يمكنه التدخل في الوقت الراهن قال الدكتور سمير إنَّ تركيا يمكن ان تلعب دوراً هاماً
ومن خلال مشاركته طرح الدكتور حمد الخلف سؤالاُ حول الجهة التي استطاعت كسب العشائر حتى الآن، ليجيب الدكتور كمال بالقول إنَّ الامريكيين وقسد كانوا أكثر قدرة على استيعاب العشائر وأنَّ كلاهما نجح في مناطقهما الاكراد والنظام وأنَّ الاأقل استفادة هي المعارضة وذلك لأنَّه لا يوجد استراتيجية للتعامل مع هذا المكون.
وختاماً دعى مركز ماري لتخصيص ندوة أخرى حول أدوات القوة التي تمتلكها الدول والقوى المتناحرة في شرق سورية.